بسم الله الرحمن الرحيم .
بعد صوم طويل عن الكتابة في هاته البوابة الغالية ، أقترح عليكم اليوم موضوعا مرتبطا بالسلسة التي وعدتكم بكتابتها ، التي أطلقت عليها [ معالم و أعلام من بلاد البيضان ] و افتتحتها ب شخصية [ سيدي المختار الكنتي ] كعلم ، اليوم فضلت أن أسلط الضوء على معلمة من معالم بلاد البيضان ، الى و هي مدينة شنقيط ، لما لها من أهمية بالغة في رسم معالم المنطقة الثقافية و الروحية و السياسية على عهد القبائل الحسانية .
بلاد شنقيط :
شنقيط في الأصل مدينة من مدن أدرار بشمال وسط مورتانيا حاليا ، ثم تسمى بها القطر كله فصار من باب تسمية الشيء بالكل و تعني في اللسان البربري الذي كان سائدا قبل مجيئ بني حسان [ عيون الخيل ] .
و قد تأسست مدينة شنقيط سنة 660 هــ / 1261 م قرب مدينة أخرى تسمى [ آبيير ] و التي بنيت حسب الروايات المحلية لأهالي المنطقة سنة 160 هــ / 776 م ، و هي مرحلة السيطرة الزنجية على البلاد الموريتانية قبل الهجرات البربرية الصنهاجية من الشمال ، ثم إندثرت في ظروف غامضة فهاجرها سكانها و أسسوا مدينة شنقيط .
لا يوجد ذكر لمدينة شنقيط في المصادر العربية قبل القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي ، لكن و مما لا شك فيه أن القرن 18 الميلادي كان عهد إزدهار المدينة ، إذ أصبحت مركز البلاد البيضانية الأول تجاريا ، و منطلق ركب الحجاج نحو مكة ، و هو ما رسخ مكانة المدينة محليا و إسلاميا ، و أول تفسير و شرح لمكانة المدينة جاء في رسالة من تأليف الفقيه عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي و عنوانها [ صحيحة النقل في علوية إدوعلي و بكرية محمد قل ] ، و يقول في رسالته : و كان الركب يمشي من شنقيط إلى مكة كل عام و يحج معهم من أراد من سائر الآفاق حتى إن أهل هذه البلاد و أعني الساقية الحمراء إلى السودان إلى أروان يعرفون عند أهل المشرق بالشناقطة .
و المشارقة هم أول من أطلق تسمية شناقطة على القادمين من البلاد البيضانية ، و منذ تلك الفترة أصبح البيضان عامة متقبلين لهاته التسمية الجديدة ، و إن كان ذلك من باب القبول بالأمر الواقع .
و قد أوردت المصادر أن اهل مدينة شنقيط كانوامن أحرص الناس على الحج ، حتى أن الدار كلها تحج و لا يبقى بها صغيرا و لا كبيرا إلا و يمم وجهه نحو المسجد الحرام ، رغم بعد و مشقة السفر و خطره آنذاك .
و سبب أفول نجم شنقيط هو الشر الذي حصل بين فخذين من القبيلة التي تعمر شنقيط و هما إدوعلي البيض ، و إدوعلي الكحل ، و قد سمي الفخذين بهذا الإسم ليس لسواد بشرتهما ، بل لأن جدا الفخذين كان إسم أحدهما الأبيض و إسم الآخر لكحل ، فتلقبا بهذا اللقب و هما إبنا رجل واحد و أم واحدة ، و إستمرت الحرب بينهما زمنا طويلا قتل منها 140 رجلا من إدوعلي البيض ، و عدد كبير من إدوعلي لكحل ، و تورد المصادر أن أبناء العمومة لم يكونا يغدران ببعضهما البعض ، بل كانوا يؤدون الصلاة في مسجد المدينة و لا يواجه الرجل غريمه إلا في ساحة المعركة المعدة سلفا لذلك و في أوقات محددة من الشهر ، و هاجر أغلب أهالي إدوعلي بسبب هذه الفتنة من بلادهم و إنتشروا في الأرض شذر مذر .
على الرغم من النهاية المأساوية التي آلت إليها مدينة شنقيط على أيدي أبنائها ، إلا أنها أدت دورا رياديا بالبلاد البيضانية ، فمنها تخرج عدد كبير من العلماء و الفقهاء الأجلاء ، الذين أثثوا الفضاء الديني و الثقافي ليس البيضاني فحسب ، و إنما الإسلامي عامة ، فشنقيط تعني فيما تعني بلاد العلم و الصلاح ، و قبلة العلماء ، قبل أن تكون مركزا تجاريا ضخما .
إنتهى ...
من أجل تفصيل أكثر يمكنكم العودة لكل من [ أحمد بن الأمين الشنقيطي ، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط و حماه الله ولد السالم ، موريتانيا في الذاكرة العربية .
بعد صوم طويل عن الكتابة في هاته البوابة الغالية ، أقترح عليكم اليوم موضوعا مرتبطا بالسلسة التي وعدتكم بكتابتها ، التي أطلقت عليها [ معالم و أعلام من بلاد البيضان ] و افتتحتها ب شخصية [ سيدي المختار الكنتي ] كعلم ، اليوم فضلت أن أسلط الضوء على معلمة من معالم بلاد البيضان ، الى و هي مدينة شنقيط ، لما لها من أهمية بالغة في رسم معالم المنطقة الثقافية و الروحية و السياسية على عهد القبائل الحسانية .
بلاد شنقيط :
شنقيط في الأصل مدينة من مدن أدرار بشمال وسط مورتانيا حاليا ، ثم تسمى بها القطر كله فصار من باب تسمية الشيء بالكل و تعني في اللسان البربري الذي كان سائدا قبل مجيئ بني حسان [ عيون الخيل ] .
و قد تأسست مدينة شنقيط سنة 660 هــ / 1261 م قرب مدينة أخرى تسمى [ آبيير ] و التي بنيت حسب الروايات المحلية لأهالي المنطقة سنة 160 هــ / 776 م ، و هي مرحلة السيطرة الزنجية على البلاد الموريتانية قبل الهجرات البربرية الصنهاجية من الشمال ، ثم إندثرت في ظروف غامضة فهاجرها سكانها و أسسوا مدينة شنقيط .
لا يوجد ذكر لمدينة شنقيط في المصادر العربية قبل القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي ، لكن و مما لا شك فيه أن القرن 18 الميلادي كان عهد إزدهار المدينة ، إذ أصبحت مركز البلاد البيضانية الأول تجاريا ، و منطلق ركب الحجاج نحو مكة ، و هو ما رسخ مكانة المدينة محليا و إسلاميا ، و أول تفسير و شرح لمكانة المدينة جاء في رسالة من تأليف الفقيه عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي و عنوانها [ صحيحة النقل في علوية إدوعلي و بكرية محمد قل ] ، و يقول في رسالته : و كان الركب يمشي من شنقيط إلى مكة كل عام و يحج معهم من أراد من سائر الآفاق حتى إن أهل هذه البلاد و أعني الساقية الحمراء إلى السودان إلى أروان يعرفون عند أهل المشرق بالشناقطة .
و المشارقة هم أول من أطلق تسمية شناقطة على القادمين من البلاد البيضانية ، و منذ تلك الفترة أصبح البيضان عامة متقبلين لهاته التسمية الجديدة ، و إن كان ذلك من باب القبول بالأمر الواقع .
و قد أوردت المصادر أن اهل مدينة شنقيط كانوامن أحرص الناس على الحج ، حتى أن الدار كلها تحج و لا يبقى بها صغيرا و لا كبيرا إلا و يمم وجهه نحو المسجد الحرام ، رغم بعد و مشقة السفر و خطره آنذاك .
و سبب أفول نجم شنقيط هو الشر الذي حصل بين فخذين من القبيلة التي تعمر شنقيط و هما إدوعلي البيض ، و إدوعلي الكحل ، و قد سمي الفخذين بهذا الإسم ليس لسواد بشرتهما ، بل لأن جدا الفخذين كان إسم أحدهما الأبيض و إسم الآخر لكحل ، فتلقبا بهذا اللقب و هما إبنا رجل واحد و أم واحدة ، و إستمرت الحرب بينهما زمنا طويلا قتل منها 140 رجلا من إدوعلي البيض ، و عدد كبير من إدوعلي لكحل ، و تورد المصادر أن أبناء العمومة لم يكونا يغدران ببعضهما البعض ، بل كانوا يؤدون الصلاة في مسجد المدينة و لا يواجه الرجل غريمه إلا في ساحة المعركة المعدة سلفا لذلك و في أوقات محددة من الشهر ، و هاجر أغلب أهالي إدوعلي بسبب هذه الفتنة من بلادهم و إنتشروا في الأرض شذر مذر .
على الرغم من النهاية المأساوية التي آلت إليها مدينة شنقيط على أيدي أبنائها ، إلا أنها أدت دورا رياديا بالبلاد البيضانية ، فمنها تخرج عدد كبير من العلماء و الفقهاء الأجلاء ، الذين أثثوا الفضاء الديني و الثقافي ليس البيضاني فحسب ، و إنما الإسلامي عامة ، فشنقيط تعني فيما تعني بلاد العلم و الصلاح ، و قبلة العلماء ، قبل أن تكون مركزا تجاريا ضخما .
إنتهى ...
من أجل تفصيل أكثر يمكنكم العودة لكل من [ أحمد بن الأمين الشنقيطي ، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط و حماه الله ولد السالم ، موريتانيا في الذاكرة العربية .