بسم الله الرحمن الرحيم .
تطرح مع الوقت و بشكل متزايد أهلية الذاكرة الجماعية و مدى قدرتها على حفظ التاريخ ، سؤال عميق يطرح للنقاش كلما ساءلنا موروثنا الجماعي ، أو إستقصينا بشكل دقيق عن أحداث ما إستنادا لما علق في الذاكرة الجماعية . هنا تحضر و بإلحاح تساؤلات كبيرة ما مدى مقدرة الذاكرة الجماعية على الصمود طويلا في وجه دواعي الزمن ، و كيف يمكن لهذه الذاكرة من الإستمرار في حفظ الموروث دون أن تركن إلى التحريف و التصحيف مع مرور الوقت تماشيا مع أغراض تكاد تكون شخصية أو نزوعا نحو التمجيد و التفخيم و هذا ما حدث في كثير من الحالات .
قبل أن نتطرق إلى علاقة القبيلة [ بشكل عام دون تحديد ] بالذاكرة الجماعية ، دعونا نخوض قليلا في مفهوم الذاكرة الجماعية ، هذا المصطلح الذي طغى على السطح منذ أن بدأت أيادي الأنتروبولوجيين تتسلل و بقوة لحقل التاريخ حتى طغت عليه و بات الأنثروبولوجيون أسياد المجال في عهدنا الراهن ، خصوصا الذين يتبنون المدرستين الفرونكنفونية و الأنكلوساكسينية [ الألمانية منها على وجه خاص ] ، حيث خرجوا و أخرجوا التاريخ من دائرته الضيقة المرتبطة بما هو نظري بحث ليوصلوه إلى ما يمكن أن نوصفه بالعلمية الدقيقة ، فبات التأريخ لحدث ما أو موضوع ما لا يعتمد على ما هو نظري بل تعداه ليصبح الإعتماد على كل ما من شأنه تزكية نظرية تاريخية ما ، إعتمادا على علوم دقيقة و حية من قبيل الإثنولوجيا و الأركيولوجيا و غيرهما .
على كل حال و إرتباطا بمفهوم الذاكرة الجماعية ، يمكن القول أنها أعطتنا مجموعة من الأمور التي باتت مع الوقت من مسلمات الأمور ، فالمحرقة اليهودية تعتبر في أدبيات الذاكرة الجماعية الصهيونية ، من المسلمات التي لا ينبغي مساسها بل بات التشكيك فيها جريمة يعاقب عليها القانون الدولي ، رغم أنه لا توجد من الناحية التاريخية البحثة ما يؤكدها .
هذا المثال جعل حقل الذاكرة الجماعية حقل خصب جدا لتسريب الأفكار الإديولوجية على المستوى الرسمي ، فظهور محمد الخامس في القمر بعد وفاته كاد يكون في وقت من الأوقات من المسلمات في ذاكرة المغاربة الجماعية ، و إن حدث بعد عقد التسعينات أن بدأ الباحثون في علم الإجتماع يميلون إلى تفسير الأمر على أسس أخرى ترتبط إرتباطا وثيقا بما هو شعبوي محض .
الذاكرة الجماعية هي كل ما يمكن أن يحدث إجماعا ما على المستوى التاريخي لدى فئة محددة سواء كانت قبيلة أو قرية أو طائفة دينية أو دولة أو أمة . على هذا الأساس باتت الذاكرة الجماعية في العقود الأخيرة تنزع نحو ترسيخ الوطنية و روح الإنتماء للوطن و بأمجاده حتى و لو كان دون أمجاد تذكر ..
فما علاقة القبية كمفهوم سوسيولوجي بمفهوم الذاكرة الجماعية ؟؟
يترسخ مفهوم الذاكرة الجماعية في الوعي و اللاوعي القبلي في مختلف أرجاء المعمور ، و بما أن شرف و مكانة قبيلة ما يعود بالأساس إلى تاريخها فإن الإعتناء بهذا الجانب كان كبيرا إلى حد ما . و بما أن القبيلة الصحراوية تنتمي إلى المحتد العربي ليس على إعتبار الأصل الدموي دائما و إنما على أساس المفهوم الثقافي . بما أنها كما قلت تنتمي لهذا المحتد العربي المعروف عنه دوما الميل إلى تمجيد الأصل و الإنتماء و الأجداد ، منذ عهد ما قبل الإسلام وصولا إلى مراحل متقدمة ، و إن كان الإسلام قد قلل من هذه النزعة كثيرا إلا أن المناطق المتبدية [ من لفظ بداوة ] ظلت دوما على تلك الشاكلة .
تظهر لنا الذاكرة الجماعية في الوسط البيضاني جلية قوية في الأدبيات الشعبية راسمة صورة جميلة عن ماضي عريق مليء بالبطولات و التضحيات في سبيل القبيلة و شرفها و عزتها ، في بعض الأحايين صورة عن تضحيات في سبيل الدين و العلم أكسبها مع الزمن شرفا لا يضاهيه شرف .
قبل أن نستطرد يحق لنا أن نطرح سؤالا عميقا يحتاج حقيقة إلى إجابة ، هل يحق لنا أن نعطي للذاكرة القبيلة حجما أكبر من حجمها و بعبارة أخرى هل يمكننا أن نخرج الذاكرة القبلية من عالم الأسطورة و الخرافة إلى عالم الحقيقة ؟؟
قد يصدق القول بنا إذا قلنا أن الذاكرة الجماعية القبلية تعج بكثير من المبالغات في بعض الأحيان على إعتبار أنها أستعملت في وقت من الأوقات كسلاح إديولوجي ضد المنافسين .
الترارزة مثلا عندما شنوا حربهم المستعرة ضد إتحادية تشمش الصنهاجية أخرجوا للوجود نظرية أن أصول هذه الإتحادية تعود إلى خمسة لصوص قدموا للبلاد من تارودانت ، و إستوطنوا هاته النواحي و من نسلهم تنحدر إتحادية تشمش التي تنكر ذلك و تقول أن أصولها تعود إلى خمسة علماء قدموا من تارودانت ، الخلاف الحاصل هنا بين صيغتي اللص و العالم ، و بطيبعة الحال فاللص لا يمكن أن يصل إلى درجة العالم مكانة و رفعة في وسط يبجل العلماء ، كما أن تشمش بنت هيبتها و و قوتها على هذا الأساس ، و قد إستطاعت الترارزة بحنكة بالغة أن تركز رواية اللصوصية في الذاكرة الجماعية البيضانية إلى يومنا هذا . هذا مجرد مثال .
و غير بعيد عنا داخل الوسط الأيتوسي التكني المعروف عبر التاريخ بشراسته الحربية و كثرته العددية تنبني ذاكرتهم الجماعية على اساس الولاء للولي الصالح أيت إعزا و يهدى ، هذا الرجل ليس أيتوسا البتة بل إن قبيلة تحمل إسمه تتواجد في ايامنا هاته مستوطنة ماسة بين أكادير و تيزنيت ، الذاكرة الجماعية لليعزاويين الماسيين تقول أنهم أخرجوا من ديارهم قصرا من اسا و إرتحلوا لهذا الموضع مكرهين ، بينما الذاكرة الجماعية الأيتوسية تنكر ذلك مدعية أن بعض قبائل أيتوسا إلتفت حول هذا الولي الذي كان يعيش في هذه البقعة الخالية من الأرض و حمت زاويته من هجمات بعض القبائل المتلصصة فحلت بهم بركته حتى باتوا من أقوى القبائل شكيمة . هنا نقع في تضارب الذاكرة الجماعية للقبيلتين .
لحد الآن فالأمثلة التي سقناها لا تنبني على ما هو أسطوري أو خرافي يمكن التشكيك فيه ، و بإنتقال بسيط صوب قبائل الساقية نعثر على كثير من الأمثلة التي بنيت على هذا الأساس .
جد قبيلة العروسيين سيدي أحمد العروسي و قدومه لهذه الأرض يحمل بين طياته نفحة من القداسة قد لا نعثر عليها سوى في الأدبيات الشيعية ، فالولي الصالح سيدي رحال البودالي حمل تلميذه سيدي أحمد العروسي ليطوف به البلاد و يختار له مكان يعيش فيه هو و ذريته و في نصف الطريق إنقطع الحزام [ لكشاط ] الذي كان يتشبث به التلميذ ليسقط في منطقة الساقية ، حيث سوف تنشأ قبيلة الشرفاء العروسيين و سكون لها دور خطير جدا في القرن 17 في مجريات الأحدث .
لكن هذا فيما يخص التأريخ للذات أو تأريخ للقبيلة ، المشكل الكبير عندما تنتقل الذاكرة الجماعية من الأنا صوب الآخر ، عند قبيلة الشرفاء الرقيبات يرجعون سبب بقاء بل سبب وجود قبيلة أيت لحسن لجدهم سيدي أحمد الرقيبي الذي حكم عليه السلطان أحمد المنصور السعدي في إحدى حملاته على بلاد واد نون بالإعدام لقطعه الطريق فتدخل سيد أحمد الرقيبي الذي كان في المكان لينقذ الرجل فإشترط عليه السلطان وزن الحسني ذهبا ، و هنا تتدخل الكرامة ليحمل سيدي أحمد الركيبي أحمالا من الرمال و يقدمها للسلطان الذي هم بقتله لولا أنه رأى بالفعل أن الرمل تحول إلى ذهب .
و بعيدا عن الأسطورة التي تختفي دائما لتظهر لنا على شكل [ كرامات ] وجب تصديقها و إلا حلت اللعنة و [ التزبية ] على منكرها .
الذاكرة الجماعية البيضانية دائما ما تزخر بأحداث متناسقة بعيدا عن ما هو جزئي ، فعام الطيايير و عام السنية و عام كابولاني إلخ من الأعوام هي تواريخ تؤكدها لنا الروايات الشفوية فتتقاطع مع التاريخ المكتوب في تناغم تام .
هذه توطئة لموضوع كبير جدا [ بالنسبة لي على الأقل ] و هو الذاكرة البوعيطاوية الجماعية في محاولة لجمع شتات ما تشتت في صدور و عقول من بقي ممن يحملونها .
الذاكرة البوعيطاوية الجماعية هو موضوعنا القادم ، أتمنى أن أجد من لدنكم آذانا صاغية لجمع ما يمكن جمعه في هذا الصدد قبل ضياعه .
فما يظهر لك أنه مجرد روايات أو حكايات أسطورية قد تكون مع مرور الوقت مادة دسمة نؤسس من خلالها لتاريخنا المشترك .
إذاا توفر للبعض مسن أو مسنة تجاوز الثمانين من العمر فهذا يعني أنه يتوفر على أرشيف حي تمكن مساءلته من حل كثير من الأمور ، فما يظهر على أنه أمر غير ذي أهمية يشكل بالنسبة لنا أهمية بالغة .
تطرح مع الوقت و بشكل متزايد أهلية الذاكرة الجماعية و مدى قدرتها على حفظ التاريخ ، سؤال عميق يطرح للنقاش كلما ساءلنا موروثنا الجماعي ، أو إستقصينا بشكل دقيق عن أحداث ما إستنادا لما علق في الذاكرة الجماعية . هنا تحضر و بإلحاح تساؤلات كبيرة ما مدى مقدرة الذاكرة الجماعية على الصمود طويلا في وجه دواعي الزمن ، و كيف يمكن لهذه الذاكرة من الإستمرار في حفظ الموروث دون أن تركن إلى التحريف و التصحيف مع مرور الوقت تماشيا مع أغراض تكاد تكون شخصية أو نزوعا نحو التمجيد و التفخيم و هذا ما حدث في كثير من الحالات .
قبل أن نتطرق إلى علاقة القبيلة [ بشكل عام دون تحديد ] بالذاكرة الجماعية ، دعونا نخوض قليلا في مفهوم الذاكرة الجماعية ، هذا المصطلح الذي طغى على السطح منذ أن بدأت أيادي الأنتروبولوجيين تتسلل و بقوة لحقل التاريخ حتى طغت عليه و بات الأنثروبولوجيون أسياد المجال في عهدنا الراهن ، خصوصا الذين يتبنون المدرستين الفرونكنفونية و الأنكلوساكسينية [ الألمانية منها على وجه خاص ] ، حيث خرجوا و أخرجوا التاريخ من دائرته الضيقة المرتبطة بما هو نظري بحث ليوصلوه إلى ما يمكن أن نوصفه بالعلمية الدقيقة ، فبات التأريخ لحدث ما أو موضوع ما لا يعتمد على ما هو نظري بل تعداه ليصبح الإعتماد على كل ما من شأنه تزكية نظرية تاريخية ما ، إعتمادا على علوم دقيقة و حية من قبيل الإثنولوجيا و الأركيولوجيا و غيرهما .
على كل حال و إرتباطا بمفهوم الذاكرة الجماعية ، يمكن القول أنها أعطتنا مجموعة من الأمور التي باتت مع الوقت من مسلمات الأمور ، فالمحرقة اليهودية تعتبر في أدبيات الذاكرة الجماعية الصهيونية ، من المسلمات التي لا ينبغي مساسها بل بات التشكيك فيها جريمة يعاقب عليها القانون الدولي ، رغم أنه لا توجد من الناحية التاريخية البحثة ما يؤكدها .
هذا المثال جعل حقل الذاكرة الجماعية حقل خصب جدا لتسريب الأفكار الإديولوجية على المستوى الرسمي ، فظهور محمد الخامس في القمر بعد وفاته كاد يكون في وقت من الأوقات من المسلمات في ذاكرة المغاربة الجماعية ، و إن حدث بعد عقد التسعينات أن بدأ الباحثون في علم الإجتماع يميلون إلى تفسير الأمر على أسس أخرى ترتبط إرتباطا وثيقا بما هو شعبوي محض .
الذاكرة الجماعية هي كل ما يمكن أن يحدث إجماعا ما على المستوى التاريخي لدى فئة محددة سواء كانت قبيلة أو قرية أو طائفة دينية أو دولة أو أمة . على هذا الأساس باتت الذاكرة الجماعية في العقود الأخيرة تنزع نحو ترسيخ الوطنية و روح الإنتماء للوطن و بأمجاده حتى و لو كان دون أمجاد تذكر ..
فما علاقة القبية كمفهوم سوسيولوجي بمفهوم الذاكرة الجماعية ؟؟
يترسخ مفهوم الذاكرة الجماعية في الوعي و اللاوعي القبلي في مختلف أرجاء المعمور ، و بما أن شرف و مكانة قبيلة ما يعود بالأساس إلى تاريخها فإن الإعتناء بهذا الجانب كان كبيرا إلى حد ما . و بما أن القبيلة الصحراوية تنتمي إلى المحتد العربي ليس على إعتبار الأصل الدموي دائما و إنما على أساس المفهوم الثقافي . بما أنها كما قلت تنتمي لهذا المحتد العربي المعروف عنه دوما الميل إلى تمجيد الأصل و الإنتماء و الأجداد ، منذ عهد ما قبل الإسلام وصولا إلى مراحل متقدمة ، و إن كان الإسلام قد قلل من هذه النزعة كثيرا إلا أن المناطق المتبدية [ من لفظ بداوة ] ظلت دوما على تلك الشاكلة .
تظهر لنا الذاكرة الجماعية في الوسط البيضاني جلية قوية في الأدبيات الشعبية راسمة صورة جميلة عن ماضي عريق مليء بالبطولات و التضحيات في سبيل القبيلة و شرفها و عزتها ، في بعض الأحايين صورة عن تضحيات في سبيل الدين و العلم أكسبها مع الزمن شرفا لا يضاهيه شرف .
قبل أن نستطرد يحق لنا أن نطرح سؤالا عميقا يحتاج حقيقة إلى إجابة ، هل يحق لنا أن نعطي للذاكرة القبيلة حجما أكبر من حجمها و بعبارة أخرى هل يمكننا أن نخرج الذاكرة القبلية من عالم الأسطورة و الخرافة إلى عالم الحقيقة ؟؟
قد يصدق القول بنا إذا قلنا أن الذاكرة الجماعية القبلية تعج بكثير من المبالغات في بعض الأحيان على إعتبار أنها أستعملت في وقت من الأوقات كسلاح إديولوجي ضد المنافسين .
الترارزة مثلا عندما شنوا حربهم المستعرة ضد إتحادية تشمش الصنهاجية أخرجوا للوجود نظرية أن أصول هذه الإتحادية تعود إلى خمسة لصوص قدموا للبلاد من تارودانت ، و إستوطنوا هاته النواحي و من نسلهم تنحدر إتحادية تشمش التي تنكر ذلك و تقول أن أصولها تعود إلى خمسة علماء قدموا من تارودانت ، الخلاف الحاصل هنا بين صيغتي اللص و العالم ، و بطيبعة الحال فاللص لا يمكن أن يصل إلى درجة العالم مكانة و رفعة في وسط يبجل العلماء ، كما أن تشمش بنت هيبتها و و قوتها على هذا الأساس ، و قد إستطاعت الترارزة بحنكة بالغة أن تركز رواية اللصوصية في الذاكرة الجماعية البيضانية إلى يومنا هذا . هذا مجرد مثال .
و غير بعيد عنا داخل الوسط الأيتوسي التكني المعروف عبر التاريخ بشراسته الحربية و كثرته العددية تنبني ذاكرتهم الجماعية على اساس الولاء للولي الصالح أيت إعزا و يهدى ، هذا الرجل ليس أيتوسا البتة بل إن قبيلة تحمل إسمه تتواجد في ايامنا هاته مستوطنة ماسة بين أكادير و تيزنيت ، الذاكرة الجماعية لليعزاويين الماسيين تقول أنهم أخرجوا من ديارهم قصرا من اسا و إرتحلوا لهذا الموضع مكرهين ، بينما الذاكرة الجماعية الأيتوسية تنكر ذلك مدعية أن بعض قبائل أيتوسا إلتفت حول هذا الولي الذي كان يعيش في هذه البقعة الخالية من الأرض و حمت زاويته من هجمات بعض القبائل المتلصصة فحلت بهم بركته حتى باتوا من أقوى القبائل شكيمة . هنا نقع في تضارب الذاكرة الجماعية للقبيلتين .
لحد الآن فالأمثلة التي سقناها لا تنبني على ما هو أسطوري أو خرافي يمكن التشكيك فيه ، و بإنتقال بسيط صوب قبائل الساقية نعثر على كثير من الأمثلة التي بنيت على هذا الأساس .
جد قبيلة العروسيين سيدي أحمد العروسي و قدومه لهذه الأرض يحمل بين طياته نفحة من القداسة قد لا نعثر عليها سوى في الأدبيات الشيعية ، فالولي الصالح سيدي رحال البودالي حمل تلميذه سيدي أحمد العروسي ليطوف به البلاد و يختار له مكان يعيش فيه هو و ذريته و في نصف الطريق إنقطع الحزام [ لكشاط ] الذي كان يتشبث به التلميذ ليسقط في منطقة الساقية ، حيث سوف تنشأ قبيلة الشرفاء العروسيين و سكون لها دور خطير جدا في القرن 17 في مجريات الأحدث .
لكن هذا فيما يخص التأريخ للذات أو تأريخ للقبيلة ، المشكل الكبير عندما تنتقل الذاكرة الجماعية من الأنا صوب الآخر ، عند قبيلة الشرفاء الرقيبات يرجعون سبب بقاء بل سبب وجود قبيلة أيت لحسن لجدهم سيدي أحمد الرقيبي الذي حكم عليه السلطان أحمد المنصور السعدي في إحدى حملاته على بلاد واد نون بالإعدام لقطعه الطريق فتدخل سيد أحمد الرقيبي الذي كان في المكان لينقذ الرجل فإشترط عليه السلطان وزن الحسني ذهبا ، و هنا تتدخل الكرامة ليحمل سيدي أحمد الركيبي أحمالا من الرمال و يقدمها للسلطان الذي هم بقتله لولا أنه رأى بالفعل أن الرمل تحول إلى ذهب .
و بعيدا عن الأسطورة التي تختفي دائما لتظهر لنا على شكل [ كرامات ] وجب تصديقها و إلا حلت اللعنة و [ التزبية ] على منكرها .
الذاكرة الجماعية البيضانية دائما ما تزخر بأحداث متناسقة بعيدا عن ما هو جزئي ، فعام الطيايير و عام السنية و عام كابولاني إلخ من الأعوام هي تواريخ تؤكدها لنا الروايات الشفوية فتتقاطع مع التاريخ المكتوب في تناغم تام .
هذه توطئة لموضوع كبير جدا [ بالنسبة لي على الأقل ] و هو الذاكرة البوعيطاوية الجماعية في محاولة لجمع شتات ما تشتت في صدور و عقول من بقي ممن يحملونها .
الذاكرة البوعيطاوية الجماعية هو موضوعنا القادم ، أتمنى أن أجد من لدنكم آذانا صاغية لجمع ما يمكن جمعه في هذا الصدد قبل ضياعه .
فما يظهر لك أنه مجرد روايات أو حكايات أسطورية قد تكون مع مرور الوقت مادة دسمة نؤسس من خلالها لتاريخنا المشترك .
إذاا توفر للبعض مسن أو مسنة تجاوز الثمانين من العمر فهذا يعني أنه يتوفر على أرشيف حي تمكن مساءلته من حل كثير من الأمور ، فما يظهر على أنه أمر غير ذي أهمية يشكل بالنسبة لنا أهمية بالغة .