بسم الله الرحمن الرحيم .
تابع جميع أفراد الشعب المغربي حدث إنهيار صومعة مسجد خناثة منت بكار المغفرية أو كما يسميه المكناسيون جامع باب بردعاين ، الجميع حزن على وفاة الخمسون ضحية التي زفت إلى من بيت الله إلى مثواها الأخير ، بعد صدمة الحدث إنهالت الصحافة على المسؤولين معتبرة أن المسؤولية تقع على عاتقها بسبب الإهمال في حفظ بيوت الله .
مسجد خناثة منت بكار المغفرية الذي شيد في عهد السلطان المولى إسماعيل تخليدا لإسم زوجته المفضلة ، و التي كانت جذورها تعود لقبائل البراكنة الحسانية ببلاد الكبلة جنوبي موريتانيا جاء في خضم الجدل الكبير الذي يدور في أٍروقة المشتغلين في حقل التاريخ ، و كأنه جاء في الوقت المناسب بإذن الله تعالى طبعا ، ليشهد لنا بداية إنهيار مدرسة الحوليات التاريخانية و بداية عهد جديد .
كيف ذلك ؟؟؟ [img][/img]
تعرضت مدرسة الحوليات منذ ظهورها مطلع هذا القرن كمدرسة مستقلة عن المدارس الأخرى ، لجملة من الإنتقادات صمدت خلالها لظروف و دواعي الزمن ، بل الأكثر من ذلك إستطاعت أن تصبح المدرسة الأكثر قبولا و تقبلا في أوساط المثقفين و حتى غير الملمين بحقل التاريخ ، و جعلت التاريخ أكثر إنسيابية و أكثر مرونة في الفهم ، الشيء الذي جعلها أكثر قبولا منذ بدايات القرن العشرين إلى يومنا هذا ، الحوليات تعمل على تسليط الضوء على الإنسان و إنجازاته في فترة معينة و مكان معين ، و التركيز على التحقيب الذي يعد أحد ركائزها الأساسية ، إذ لا يمكن القفز من فترة زمنية إلى أخرى عكس العلوم الإجتماعية الحديثة و على وجه الخصوص الأنثروبولوجيا التي تدرس أساسا الظاهرة الإجتماعية كأساس بنيوي ، مما جعل المدرستين تقعان في تعارض في التوجهات و الإستراتيجيات .
على سبيل المثال : إن نحن شئنا دراسة تاريخ منطقة أو مجموعة بشرية ما في فترة معينة و أردنا من أكبر شريحة ممكنة أن تعي بتاريخ هذا الجزء و تراثه سنختار منهج التحقيب مثلا [ تاريخ وادن نون من القرن 15 إلى بدايات القرن 20 ] هذا عنوان يدخل في صميم العمل التاريخي التأريخي ، من خلاله سيطاع المهتم كيف تطور مجتمع واد نون في هاته الفترة و ما هي التغيرات و الأحداث المهمة التي طرأت عليه ، و كيف تمكنت منطقة واد نون من مواجهة ما تعرضت له من هجرات و هجمات ، و كيف تكونت هاته المجموعات البشرية التي تقطن في هاته الربوع ، هذا فيما يخص مدرسة الحوليات ، المدرسة الأنثروبولوجيا نظرتها للمكان و الإنسان و الزمان محددة و مركزة ، إذ لا تستطيع تقوم بدراسة واسعة مكانيا و مجاليا بل تختار ظاهرة ما مثلا [ الظاهرة الإستعمارية 1934 - 1965 في منطقة واد نون دراسة أنثروبولوجيا ] هنا المدرسة الأنثروبولوجية ركزت و قلصت مدى الدراسة ، هذا المنهد له فوائد جمة لكنه يختزل لنا الحيز الزمكاني ، و يلزم القارئ بالتخصص ، أي أنه في حالة كونه قارئا عاديا لن يجد رغبة كبيرة في مواصلة القراءة أبعد من الصفحة ال 20 .
تنامي الظاهرة الأنثروبولوجيا في الجامعات العربية عامة و المغربية بصفة خاصة هو حدث مقلق حقيقة لسبب رئيسي ، هو أننا لم نصل لدرجة الإشباع التاريخاني حتى تتهيأ لنا أرضية مهمة لمناقشة الظواهر التاريخية على محك العلوم الإجتماعية .
صدر مؤخرا كتاب بعنوان التاريخ المفتت لفرانسوا دوس مترجم للغة العربية إصدارات المنظمة العربية للترجمة ، يعالج هذا الكتاب مفاهيم و نظريات عدة تبنتها مدرسة الحوليات و قوله بأن مدرسة الحوليات هي في الغالب مدرسة متبناة من الأنظمة ، التي لا تشاء غالبا كشف كل ما هو مستور ، و جعل التاريخ يغرق في العموميات ، و يضيف أن التاريخ تجاوز منطق الحوليات و أن العصر لم يعد في حاجة إلى سرد التاريخ بقدر ما هو في حاجة إلى تحليل التاريخ و هو ها هنا محق تماما .
على العموم تبقى مدرسة الحوليات مهمة بالنسبة لأي باحث في الحقل التاريخي لإعتبارات عدة و على رأسها أن المادة الخام للتاريخ هي مستمدة دوما من هاته المدرسة ، بل يمكن أن لمدرسة الحوليات أن تجاوز بين إعطاء الخبر و تحليله كما فعل روادها الأوائل .
كان هذا فقط غيض من فيض .
و للحديث بقية
تابع جميع أفراد الشعب المغربي حدث إنهيار صومعة مسجد خناثة منت بكار المغفرية أو كما يسميه المكناسيون جامع باب بردعاين ، الجميع حزن على وفاة الخمسون ضحية التي زفت إلى من بيت الله إلى مثواها الأخير ، بعد صدمة الحدث إنهالت الصحافة على المسؤولين معتبرة أن المسؤولية تقع على عاتقها بسبب الإهمال في حفظ بيوت الله .
مسجد خناثة منت بكار المغفرية الذي شيد في عهد السلطان المولى إسماعيل تخليدا لإسم زوجته المفضلة ، و التي كانت جذورها تعود لقبائل البراكنة الحسانية ببلاد الكبلة جنوبي موريتانيا جاء في خضم الجدل الكبير الذي يدور في أٍروقة المشتغلين في حقل التاريخ ، و كأنه جاء في الوقت المناسب بإذن الله تعالى طبعا ، ليشهد لنا بداية إنهيار مدرسة الحوليات التاريخانية و بداية عهد جديد .
كيف ذلك ؟؟؟ [img][/img]
تعرضت مدرسة الحوليات منذ ظهورها مطلع هذا القرن كمدرسة مستقلة عن المدارس الأخرى ، لجملة من الإنتقادات صمدت خلالها لظروف و دواعي الزمن ، بل الأكثر من ذلك إستطاعت أن تصبح المدرسة الأكثر قبولا و تقبلا في أوساط المثقفين و حتى غير الملمين بحقل التاريخ ، و جعلت التاريخ أكثر إنسيابية و أكثر مرونة في الفهم ، الشيء الذي جعلها أكثر قبولا منذ بدايات القرن العشرين إلى يومنا هذا ، الحوليات تعمل على تسليط الضوء على الإنسان و إنجازاته في فترة معينة و مكان معين ، و التركيز على التحقيب الذي يعد أحد ركائزها الأساسية ، إذ لا يمكن القفز من فترة زمنية إلى أخرى عكس العلوم الإجتماعية الحديثة و على وجه الخصوص الأنثروبولوجيا التي تدرس أساسا الظاهرة الإجتماعية كأساس بنيوي ، مما جعل المدرستين تقعان في تعارض في التوجهات و الإستراتيجيات .
على سبيل المثال : إن نحن شئنا دراسة تاريخ منطقة أو مجموعة بشرية ما في فترة معينة و أردنا من أكبر شريحة ممكنة أن تعي بتاريخ هذا الجزء و تراثه سنختار منهج التحقيب مثلا [ تاريخ وادن نون من القرن 15 إلى بدايات القرن 20 ] هذا عنوان يدخل في صميم العمل التاريخي التأريخي ، من خلاله سيطاع المهتم كيف تطور مجتمع واد نون في هاته الفترة و ما هي التغيرات و الأحداث المهمة التي طرأت عليه ، و كيف تمكنت منطقة واد نون من مواجهة ما تعرضت له من هجرات و هجمات ، و كيف تكونت هاته المجموعات البشرية التي تقطن في هاته الربوع ، هذا فيما يخص مدرسة الحوليات ، المدرسة الأنثروبولوجيا نظرتها للمكان و الإنسان و الزمان محددة و مركزة ، إذ لا تستطيع تقوم بدراسة واسعة مكانيا و مجاليا بل تختار ظاهرة ما مثلا [ الظاهرة الإستعمارية 1934 - 1965 في منطقة واد نون دراسة أنثروبولوجيا ] هنا المدرسة الأنثروبولوجية ركزت و قلصت مدى الدراسة ، هذا المنهد له فوائد جمة لكنه يختزل لنا الحيز الزمكاني ، و يلزم القارئ بالتخصص ، أي أنه في حالة كونه قارئا عاديا لن يجد رغبة كبيرة في مواصلة القراءة أبعد من الصفحة ال 20 .
تنامي الظاهرة الأنثروبولوجيا في الجامعات العربية عامة و المغربية بصفة خاصة هو حدث مقلق حقيقة لسبب رئيسي ، هو أننا لم نصل لدرجة الإشباع التاريخاني حتى تتهيأ لنا أرضية مهمة لمناقشة الظواهر التاريخية على محك العلوم الإجتماعية .
صدر مؤخرا كتاب بعنوان التاريخ المفتت لفرانسوا دوس مترجم للغة العربية إصدارات المنظمة العربية للترجمة ، يعالج هذا الكتاب مفاهيم و نظريات عدة تبنتها مدرسة الحوليات و قوله بأن مدرسة الحوليات هي في الغالب مدرسة متبناة من الأنظمة ، التي لا تشاء غالبا كشف كل ما هو مستور ، و جعل التاريخ يغرق في العموميات ، و يضيف أن التاريخ تجاوز منطق الحوليات و أن العصر لم يعد في حاجة إلى سرد التاريخ بقدر ما هو في حاجة إلى تحليل التاريخ و هو ها هنا محق تماما .
على العموم تبقى مدرسة الحوليات مهمة بالنسبة لأي باحث في الحقل التاريخي لإعتبارات عدة و على رأسها أن المادة الخام للتاريخ هي مستمدة دوما من هاته المدرسة ، بل يمكن أن لمدرسة الحوليات أن تجاوز بين إعطاء الخبر و تحليله كما فعل روادها الأوائل .
كان هذا فقط غيض من فيض .
و للحديث بقية