الرئيسية
البوابة
أحدث الصور
التسجيل
دخول
من طرف abdallahi mouma الثلاثاء 27 أبريل 2010, 13:06بسم الله الواحد الأحد بسم الله الفرد الصمد .
أعزتي رواد منتدانا العزيز قيل في الأثر خير جليس في الأنام كتاب ، فالكتاب هو ثاني طرق العلم و التعلم بعد التلقي المباشر ، و لا شك أن قراءة الكتب تعود على المتلقي بفوائد عظيمة ، تغني معارفه و ترقى بمداركه ، من هذا المنطلق سأحاول بين الفينة و ألأخرى أن أطالع بمعيتكم كتابا يهتم بتاريخ منطقة الصحراء و الساحل أو كما يطلق عليها الباحثون بلاد البيضان .
الر سالة الغلاوية تأليف الشيخ سيدي محمد الخليفة ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي . الكتاب من تحقيق الدكتور الباحث حماه الله ولد السالم أستاذ التاريخ و الأنثربوليوجيا بجامعة نواكشوط .
الرسالة الغلاوية من أهم المصنفات التي دبجها علماء منطقة الساحل الصحراوي خلال العهد الحديث على الإطلاق ، و هي ثرية جدا بالأخبار و النقول و الإشارات ذات القيمة اٌستثنائية في التاريخ المحلي على المستوى الثقافي و الديني و السياسي .
و الرسالة الغلاوية في أصلها رسالة مطوية وجهها الشيخ سيدي محمد الكنتي سنة 1828 إلى قبيلة [ الأغلال ] أو الأقلال ، يدعوهم فيها إلى دعم قومه كنتة في الحرب الناشبة آنذاك بينهم و [ أهل سيدي محمود أي إدولحاج الشرقيين و حلفاؤهم ] ، و قد أتى توجيه الرسالة الغلاوية إلى الأغلال وحدهم دون سائر القبائل الزاوية الأخرى ، لقربهم من ميدان الحرب ، و بفعل شبكة العلاقات الدينية و السياسية التي تربط القبيلتين [ كنتة و الاغلال ] .
ولد الشيخ سيدي محمد بن سيدي المختار الكنتي حوالي 1765 بمنطقة أزواد شمال غرب مالي حاليا ، نشأ في بيت أبيه بيت من أكبر بيوتات العلم و السيادة في البلاد البيضانية و السودانية على الإطلاق ، حلة شيخ الشيوخ آنذاك والده سيدي المختار الكنتي المتوفي سنة 1811 لم يدرس الشيخ سيدي محمد على يد شيخ آخر غير والده الأمر الذي يعكس مدى رقي المستوى الثقافي الذي بلغته مضارب قبيلة كنتة .
خلف سيدي محمد الكنتي والده على قمة هرم السلطة السياسية و الروحية و الثقافية بقبيلة كنتة و بلاد أزواد كلها ، بل و إمتد مدى نفوذه و قوة تأثيره في قبائل بلاد تكانت و الحوض و الرقيبة و افطوط .
اما الرحالة كوردن لينغ فقد سمى منطقة ازواد على ضفاف نهر النيجر ب [ بلاد سيدي محمد الكنتي ] لما لاحظه من تأثير كبير يقوم به الرجل و قومه على المنطقة و أهلها .
توجيه الرسالة الغلاوية لقبيلة الأغلال سبقه أو تزامنت معه مجموعة من الرسائل الموجهة لمجموعات حسانية أخرى على رأسها أولاد الناصر و أولاد داوود و أولاد مبارك و كذلك قبيلة مشظوف ذات الأصل الصنهاجية التي اتسمت بسمات حسانية فيما بعد .
كل هاته المراسلات تدخل في إطار إستراتيجية محكمة لتطويق الخصم بحزام من التحالفات مع قبائل الشوكة و القتال حتى يتسنى لكنتة عند نشوب الحرب الفاصلة كسبها .
و تعكس لنا مثل هاته المراسلات الدبلوماسية القبلية التي كانت سائدة في بلاد البيضان آنذاك ، كما تعكس لنا حنكة و دراية شيوخ الزاوية الكنتية و تحركاتهم السريعة لتطويق أعدائهم إدولحاج .
و قد نشبت سلسلة من المعارك بين كنتة و إدولحاج و كان السبب الرئيسي وفاة زعيم قبيلة إدوعيش و أمير تكانت محمد بن أمحمد الشين ، الذي كان صمام الأمان و ركيزة السلم الإجتماعي بين القبائل المكونة للإمارة ، إذ أن إمارة تكانت كانت تستوطنها قبائل متنوعة و ذات مشارب متعددة ، فمنها الزوايا و حسان و أزناكة و الكور ، و تمكن الأمير من فرض نوع من التهدئة الإجتماعية بفعل قوته و قدرته على ضبط مجاله الأميري و قوة شخصيته ، لكن بوفاته إنفض العقد الذي كان يربط هاته القبائل فيما بينها ، مما جعل المجموعات الأصلية في تكانت كأهل سيدي محمود ترى أنها غبنت و زوحمت في ارضها و مصادر عيشها و أبارها و طرق تجارتها التي وزعها الأمير الراحل بالتساوي على أفراد إمارته ، و رأت مجموعة أهل سيدي محمود أن كنتة مغيرة و نازحة زاحمت العباد و إستوطنت البلاد و لا بد من إزاحتهم صوب الشرق [ أزواد ] ، و هذا ما شرعت فيه القبيلة و بدأت سلسلة من الغارات على مضارب قبيلة كنتة ، إضطرت معها الاخيرة سن سياسية حربية قوية تعتمد على الغارات المسترسلة و التحالفات القبلية الواسعة ، لكن الحرب إنتهت في الأخير بدون غالب أو مغلوب ، فلا كنتة تراجعت صوب الشرق و لا أهل سيدي محمود تمكنو من بسط الهيمنة فسح هذا الباب واسعا لصعود قوى قبلية جديدة كان أهمها [ مشظوف ] التي إستغل زعماؤها التفتت و التجزء الحاصل ليبسطوا همنتهم على الحوض كاملا و يكسروا شوكة القبائل الحسانية من أولاد الناصر و أولاد داوود و أولاد مبارك ، و أجزاء من تكانت .
و تضم الرسالة الغلاوية إشارات تارخية مهمة قد تنفرد بها دون غيرها ، فالكتاب هو الوحيد تقريبا إلى جانب كتاب [ شيم الزوايا ] لليدالي ، الذي يؤرخ و يصف وصفا دقيقا كيف إنسابت قبائل بني حسان للبلاد المورتانية و متى تجاوزت بلاد الساقية الحمراء و كيف كان وقع هاته الهجرة في أيامها الأولى و المواجهات التي دارت بين المجموعات الحسانية و الصنهاجية ، ليعطي إجابات وافية و ضافية عن المسألة التي حار فيها المؤرخون ، كما يشير المؤلف إلى الطرق الصوفية التي كانت بالبلاد و على رأسها القادرية المختارية الكنتية و القادرية الغضفية البصادية [ نسبة إلى قبيلة إدوبوسات ] . لنستخلص أن الطرق الصوفية بمجال البيضان هي طرق قبلية إلى حد كبير ، فالقادرية منذ دخولها للبلاد وجدت في قبيلتي كنتة و إدوبوسات المحتضن الكبير و الداعم الدائم إلى يوما هذا .
على العموم كتاب شيق بالنسبة للباحثين في الميدان و كذلك الراغبين في سبر أغوار تاريخ المنطقة .
الكتاب من اصدارت معهد الدراسات الافريقية بالرباط
طبع سنة 2003 .
و السلام عليكم و رحمة الله .
أعزتي رواد منتدانا العزيز قيل في الأثر خير جليس في الأنام كتاب ، فالكتاب هو ثاني طرق العلم و التعلم بعد التلقي المباشر ، و لا شك أن قراءة الكتب تعود على المتلقي بفوائد عظيمة ، تغني معارفه و ترقى بمداركه ، من هذا المنطلق سأحاول بين الفينة و ألأخرى أن أطالع بمعيتكم كتابا يهتم بتاريخ منطقة الصحراء و الساحل أو كما يطلق عليها الباحثون بلاد البيضان .
الر سالة الغلاوية تأليف الشيخ سيدي محمد الخليفة ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي . الكتاب من تحقيق الدكتور الباحث حماه الله ولد السالم أستاذ التاريخ و الأنثربوليوجيا بجامعة نواكشوط .
الرسالة الغلاوية من أهم المصنفات التي دبجها علماء منطقة الساحل الصحراوي خلال العهد الحديث على الإطلاق ، و هي ثرية جدا بالأخبار و النقول و الإشارات ذات القيمة اٌستثنائية في التاريخ المحلي على المستوى الثقافي و الديني و السياسي .
و الرسالة الغلاوية في أصلها رسالة مطوية وجهها الشيخ سيدي محمد الكنتي سنة 1828 إلى قبيلة [ الأغلال ] أو الأقلال ، يدعوهم فيها إلى دعم قومه كنتة في الحرب الناشبة آنذاك بينهم و [ أهل سيدي محمود أي إدولحاج الشرقيين و حلفاؤهم ] ، و قد أتى توجيه الرسالة الغلاوية إلى الأغلال وحدهم دون سائر القبائل الزاوية الأخرى ، لقربهم من ميدان الحرب ، و بفعل شبكة العلاقات الدينية و السياسية التي تربط القبيلتين [ كنتة و الاغلال ] .
ولد الشيخ سيدي محمد بن سيدي المختار الكنتي حوالي 1765 بمنطقة أزواد شمال غرب مالي حاليا ، نشأ في بيت أبيه بيت من أكبر بيوتات العلم و السيادة في البلاد البيضانية و السودانية على الإطلاق ، حلة شيخ الشيوخ آنذاك والده سيدي المختار الكنتي المتوفي سنة 1811 لم يدرس الشيخ سيدي محمد على يد شيخ آخر غير والده الأمر الذي يعكس مدى رقي المستوى الثقافي الذي بلغته مضارب قبيلة كنتة .
خلف سيدي محمد الكنتي والده على قمة هرم السلطة السياسية و الروحية و الثقافية بقبيلة كنتة و بلاد أزواد كلها ، بل و إمتد مدى نفوذه و قوة تأثيره في قبائل بلاد تكانت و الحوض و الرقيبة و افطوط .
اما الرحالة كوردن لينغ فقد سمى منطقة ازواد على ضفاف نهر النيجر ب [ بلاد سيدي محمد الكنتي ] لما لاحظه من تأثير كبير يقوم به الرجل و قومه على المنطقة و أهلها .
توجيه الرسالة الغلاوية لقبيلة الأغلال سبقه أو تزامنت معه مجموعة من الرسائل الموجهة لمجموعات حسانية أخرى على رأسها أولاد الناصر و أولاد داوود و أولاد مبارك و كذلك قبيلة مشظوف ذات الأصل الصنهاجية التي اتسمت بسمات حسانية فيما بعد .
كل هاته المراسلات تدخل في إطار إستراتيجية محكمة لتطويق الخصم بحزام من التحالفات مع قبائل الشوكة و القتال حتى يتسنى لكنتة عند نشوب الحرب الفاصلة كسبها .
و تعكس لنا مثل هاته المراسلات الدبلوماسية القبلية التي كانت سائدة في بلاد البيضان آنذاك ، كما تعكس لنا حنكة و دراية شيوخ الزاوية الكنتية و تحركاتهم السريعة لتطويق أعدائهم إدولحاج .
و قد نشبت سلسلة من المعارك بين كنتة و إدولحاج و كان السبب الرئيسي وفاة زعيم قبيلة إدوعيش و أمير تكانت محمد بن أمحمد الشين ، الذي كان صمام الأمان و ركيزة السلم الإجتماعي بين القبائل المكونة للإمارة ، إذ أن إمارة تكانت كانت تستوطنها قبائل متنوعة و ذات مشارب متعددة ، فمنها الزوايا و حسان و أزناكة و الكور ، و تمكن الأمير من فرض نوع من التهدئة الإجتماعية بفعل قوته و قدرته على ضبط مجاله الأميري و قوة شخصيته ، لكن بوفاته إنفض العقد الذي كان يربط هاته القبائل فيما بينها ، مما جعل المجموعات الأصلية في تكانت كأهل سيدي محمود ترى أنها غبنت و زوحمت في ارضها و مصادر عيشها و أبارها و طرق تجارتها التي وزعها الأمير الراحل بالتساوي على أفراد إمارته ، و رأت مجموعة أهل سيدي محمود أن كنتة مغيرة و نازحة زاحمت العباد و إستوطنت البلاد و لا بد من إزاحتهم صوب الشرق [ أزواد ] ، و هذا ما شرعت فيه القبيلة و بدأت سلسلة من الغارات على مضارب قبيلة كنتة ، إضطرت معها الاخيرة سن سياسية حربية قوية تعتمد على الغارات المسترسلة و التحالفات القبلية الواسعة ، لكن الحرب إنتهت في الأخير بدون غالب أو مغلوب ، فلا كنتة تراجعت صوب الشرق و لا أهل سيدي محمود تمكنو من بسط الهيمنة فسح هذا الباب واسعا لصعود قوى قبلية جديدة كان أهمها [ مشظوف ] التي إستغل زعماؤها التفتت و التجزء الحاصل ليبسطوا همنتهم على الحوض كاملا و يكسروا شوكة القبائل الحسانية من أولاد الناصر و أولاد داوود و أولاد مبارك ، و أجزاء من تكانت .
و تضم الرسالة الغلاوية إشارات تارخية مهمة قد تنفرد بها دون غيرها ، فالكتاب هو الوحيد تقريبا إلى جانب كتاب [ شيم الزوايا ] لليدالي ، الذي يؤرخ و يصف وصفا دقيقا كيف إنسابت قبائل بني حسان للبلاد المورتانية و متى تجاوزت بلاد الساقية الحمراء و كيف كان وقع هاته الهجرة في أيامها الأولى و المواجهات التي دارت بين المجموعات الحسانية و الصنهاجية ، ليعطي إجابات وافية و ضافية عن المسألة التي حار فيها المؤرخون ، كما يشير المؤلف إلى الطرق الصوفية التي كانت بالبلاد و على رأسها القادرية المختارية الكنتية و القادرية الغضفية البصادية [ نسبة إلى قبيلة إدوبوسات ] . لنستخلص أن الطرق الصوفية بمجال البيضان هي طرق قبلية إلى حد كبير ، فالقادرية منذ دخولها للبلاد وجدت في قبيلتي كنتة و إدوبوسات المحتضن الكبير و الداعم الدائم إلى يوما هذا .
على العموم كتاب شيق بالنسبة للباحثين في الميدان و كذلك الراغبين في سبر أغوار تاريخ المنطقة .
الكتاب من اصدارت معهد الدراسات الافريقية بالرباط
طبع سنة 2003 .
و السلام عليكم و رحمة الله .
