بسم الله الرحمن الرحيم .
هل سمعتم يوما عن حرب دارت رحاها ببلاد البيظان تدعى حرب شرببة ، أكيد أن القليلين هم من سمع عن هاته الحرب ، ليس لعدم أهميتها ، بل لإن تاريخ وقوعها موغل في القدم ، فلا تستطيع الرواية الشفوية الإحتفاظ لنا بتفاصيلها و حيثياتها ، لكن تسعفنا كتب التاريخ و لله الحمد على فك رموز هذه الحرب التي كانت لنتائجها وقع كبير جدا على بلاد البيظان .
كانت بلاد البيظان أو كما كان يطلق عليها قبل هذا الحدث [ بلاد الملثمين ] كما وصفهم إبن بطوطة في رحلته الشهيرة عندما مر بالمنطقة في طريقه إلى بلاد السودان ، أو [بلاد صنهاجة ] كما أطلق عليها الجغرافي الشهير البكري .
كانت بلاد البيظان في بداية القرن 16 تعرف حدثا هاما جدا سينتج عنه تحول جذري في التوزيع السكاني و نمط الحياة السائد . إ ذ بدأت أفواج من المهاجرين الجدد تتقاطر على البلاد فردانا و زرافات ، و بدأت هذه الموجات تتخذ طابعا كثيفا منذ أواسط القرن 16 ، ففي أواسط هذا القرن تمكنت قبائل حســــان بأن تجتاز وادي الذهب بنجاح دون أن تخلف أية مشاكل مع القبائل الصنهاجية ، و كانت أهم تلك القبائل الصنهاجية في منطقة الساقية الحمراء و وادي الذهب قبيلة [ إدوكال ] التي اختفت اليوم ليتوغلوا جنوبا ، و يحتكوا مع القبائل الصنهاجية المستوطنة بالعمق الموريتاني ، و التي كانت تفوقهم عددا و عدة .
لم يجد الحسانيون القادمون من الشرق ، و هم الغرباء عن البلاد سوى أن ينزووا بأنفسهم و إبلهم و أغنامهم في بلاد أدرار و تكانت و الحوض الغربي محاولين قدر المستطاع تجنب التجمعات الصنهاجية الكبرى كتحالف [ تشــــمشة ] الصنهاجي القوي و الذي كان في هذه الأثناء يعد العدة لإقامة دولة قوية على سواحل نهر السنغال تشمل جل الأراضي البيضانية في محاولة لإعادة أمجاد دولة المرابطين ، هذه المرة بقيادة الفقيه الشاب الأمير ناصر الدين الشمشوي [ إسمه الحقيق أوبك بن أبهم الديماني ] .
لكن ما فتأت طموحات الصنهاجيين تصطدم بالواقع المعاش ، فحسان المعروفين بقوتهم و صلابتهم العسكرية و ميلهم إلى العيش بحرية دون الدخول في عباءة دولة ما ، لم تعجبهم تحركات القبائل الصنهاجية التي بدأت تتحرش بهم بشكل غير مباشر ، فاستغلوا لجوء أحد الأشخاص من إحدى القبائل الزناكية إليهم مستجيرا من الأمير ناصر الدين ، الذي أصر على أن يتسلم من الشخص الهارب الزكاة بالقوة ، مما حرك في بني حسان النعرة القبيلة و الحمية العصبية ، و رغم تدخل وساطات بعض عقلاء البلاد إلا أن الطرفين كانا مصرين على موقفهما ، فدخلت قبائل حسان هذه الحرب و هي أقل عددا و عدة كما قلنا من قبل .
قامت الحرب المعروفة ب حرب شرببة و تتكون الكلمة من شطرين [ شر ] و يعني حرب [ ببة ] و هو الشخص الزناكي الذي لجأ لبني حسان ، فاستمرت هذه الحرب 6 سنوات كاملة ما بين 1671 و 1677 ، و انتهت بإنتصار كاسح لبني حسان على السكان الصنهاجيين ، و كان سبب هزيمة صنهاجة حسب اليدالي في كتابه شيم الزوايا استخفافهم ببني حسان لقلة عددهم ، و لعدم معرفتهم بدروب البلاد .
و كان من بنود الصلح بين الطرفين :
ـ تجريد قبائل صنهاجة من السلاح .
ـ ضيافة ثلاثة أيام لكل عابر سبيل حساني من طرف صنهاجة .
ـ إعطاء بني حسان و من سار على شاكلتهم ثلث ماء البئر و نصف ماء العين من كل منهل صنهاجي يردونه .
و على هذا الأساس تحولت مجموعة كبيرة من قبائل صنهاجة عن طموحها السياسي فاختار البعض أن ينصهر في قبائل حسان المنتصرة ، بينما انكب البعض الآخر على العلم و الدين و التدريس ليصبح زاوي ، و البقية الباقية صارت مما يطلق عليهم [ أزناكة ] و هي قبائل تعمل لصالح بني حسان .
و من هنا استأثرت قبائل بني حسان التي يحلوا لبعض الباحثين المعاصرين تسميتها ب [الموت القادم من الشرق ] بالبلاد و العباد ، و ما هي إلا فترة وجيزة حتى بات اللسان الحساني هو لسان سائر أهل هاته الربوع ، و بات نمط العيش على شاكلة بني حسان يستقطب الجميع ، حتى باتت هاته البلاد تحمل ثقافة حسانية محضة رغم أن قبائل بني حسان قليلة العدد إذا ما قورنت بساكني البلاد الأصليين ، لأن القاعدة تقول دائما أن ثقافة الغالب دائما تسيطر على ثقافة المغلوب .
قبائل بني حسان التي دخلت بلاد البيظان :
1 - أولاد دليم : المتكونين من [ أولاد المولاة ، أولاد اللب ، لوديكات ، أولاد تكدي ، أولاد لخليكة ، السراحنة ] .
2 - أولاد رزك : يتكونون من [ أولاد بوعلي ، أولاد الخليفة ]
3 - المغافرة : يتكونون من [ الترارزة ، البراكنة ، أولاد مبارك ، أولاد داوود ، أولاد يحيى بن عثمان ، أولاد الناصر ]
4 - أولاد عروك : يتكونون من [ أولاد عروك ، أولاد يونس ، أولاد داوود ]
5 - البرابيش : و يتكونون من [ أولاد عبد الرحمن ، أولاد سليمان ] .
مع العلم أن قبيلة الرحامنة و هي أيضا من بني حسان فضلت أن تدخل تحت طاعة الدولة المرينية التي أقطعتها بلادا بنواحي مراكش يطلق عليها اليوم ببلاد الرحامنة .
هذه إذن هي ملحمة بني حسان .
السلام عليكم .
هل سمعتم يوما عن حرب دارت رحاها ببلاد البيظان تدعى حرب شرببة ، أكيد أن القليلين هم من سمع عن هاته الحرب ، ليس لعدم أهميتها ، بل لإن تاريخ وقوعها موغل في القدم ، فلا تستطيع الرواية الشفوية الإحتفاظ لنا بتفاصيلها و حيثياتها ، لكن تسعفنا كتب التاريخ و لله الحمد على فك رموز هذه الحرب التي كانت لنتائجها وقع كبير جدا على بلاد البيظان .
كانت بلاد البيظان أو كما كان يطلق عليها قبل هذا الحدث [ بلاد الملثمين ] كما وصفهم إبن بطوطة في رحلته الشهيرة عندما مر بالمنطقة في طريقه إلى بلاد السودان ، أو [بلاد صنهاجة ] كما أطلق عليها الجغرافي الشهير البكري .
كانت بلاد البيظان في بداية القرن 16 تعرف حدثا هاما جدا سينتج عنه تحول جذري في التوزيع السكاني و نمط الحياة السائد . إ ذ بدأت أفواج من المهاجرين الجدد تتقاطر على البلاد فردانا و زرافات ، و بدأت هذه الموجات تتخذ طابعا كثيفا منذ أواسط القرن 16 ، ففي أواسط هذا القرن تمكنت قبائل حســــان بأن تجتاز وادي الذهب بنجاح دون أن تخلف أية مشاكل مع القبائل الصنهاجية ، و كانت أهم تلك القبائل الصنهاجية في منطقة الساقية الحمراء و وادي الذهب قبيلة [ إدوكال ] التي اختفت اليوم ليتوغلوا جنوبا ، و يحتكوا مع القبائل الصنهاجية المستوطنة بالعمق الموريتاني ، و التي كانت تفوقهم عددا و عدة .
لم يجد الحسانيون القادمون من الشرق ، و هم الغرباء عن البلاد سوى أن ينزووا بأنفسهم و إبلهم و أغنامهم في بلاد أدرار و تكانت و الحوض الغربي محاولين قدر المستطاع تجنب التجمعات الصنهاجية الكبرى كتحالف [ تشــــمشة ] الصنهاجي القوي و الذي كان في هذه الأثناء يعد العدة لإقامة دولة قوية على سواحل نهر السنغال تشمل جل الأراضي البيضانية في محاولة لإعادة أمجاد دولة المرابطين ، هذه المرة بقيادة الفقيه الشاب الأمير ناصر الدين الشمشوي [ إسمه الحقيق أوبك بن أبهم الديماني ] .
لكن ما فتأت طموحات الصنهاجيين تصطدم بالواقع المعاش ، فحسان المعروفين بقوتهم و صلابتهم العسكرية و ميلهم إلى العيش بحرية دون الدخول في عباءة دولة ما ، لم تعجبهم تحركات القبائل الصنهاجية التي بدأت تتحرش بهم بشكل غير مباشر ، فاستغلوا لجوء أحد الأشخاص من إحدى القبائل الزناكية إليهم مستجيرا من الأمير ناصر الدين ، الذي أصر على أن يتسلم من الشخص الهارب الزكاة بالقوة ، مما حرك في بني حسان النعرة القبيلة و الحمية العصبية ، و رغم تدخل وساطات بعض عقلاء البلاد إلا أن الطرفين كانا مصرين على موقفهما ، فدخلت قبائل حسان هذه الحرب و هي أقل عددا و عدة كما قلنا من قبل .
قامت الحرب المعروفة ب حرب شرببة و تتكون الكلمة من شطرين [ شر ] و يعني حرب [ ببة ] و هو الشخص الزناكي الذي لجأ لبني حسان ، فاستمرت هذه الحرب 6 سنوات كاملة ما بين 1671 و 1677 ، و انتهت بإنتصار كاسح لبني حسان على السكان الصنهاجيين ، و كان سبب هزيمة صنهاجة حسب اليدالي في كتابه شيم الزوايا استخفافهم ببني حسان لقلة عددهم ، و لعدم معرفتهم بدروب البلاد .
و كان من بنود الصلح بين الطرفين :
ـ تجريد قبائل صنهاجة من السلاح .
ـ ضيافة ثلاثة أيام لكل عابر سبيل حساني من طرف صنهاجة .
ـ إعطاء بني حسان و من سار على شاكلتهم ثلث ماء البئر و نصف ماء العين من كل منهل صنهاجي يردونه .
و على هذا الأساس تحولت مجموعة كبيرة من قبائل صنهاجة عن طموحها السياسي فاختار البعض أن ينصهر في قبائل حسان المنتصرة ، بينما انكب البعض الآخر على العلم و الدين و التدريس ليصبح زاوي ، و البقية الباقية صارت مما يطلق عليهم [ أزناكة ] و هي قبائل تعمل لصالح بني حسان .
و من هنا استأثرت قبائل بني حسان التي يحلوا لبعض الباحثين المعاصرين تسميتها ب [الموت القادم من الشرق ] بالبلاد و العباد ، و ما هي إلا فترة وجيزة حتى بات اللسان الحساني هو لسان سائر أهل هاته الربوع ، و بات نمط العيش على شاكلة بني حسان يستقطب الجميع ، حتى باتت هاته البلاد تحمل ثقافة حسانية محضة رغم أن قبائل بني حسان قليلة العدد إذا ما قورنت بساكني البلاد الأصليين ، لأن القاعدة تقول دائما أن ثقافة الغالب دائما تسيطر على ثقافة المغلوب .
قبائل بني حسان التي دخلت بلاد البيظان :
1 - أولاد دليم : المتكونين من [ أولاد المولاة ، أولاد اللب ، لوديكات ، أولاد تكدي ، أولاد لخليكة ، السراحنة ] .
2 - أولاد رزك : يتكونون من [ أولاد بوعلي ، أولاد الخليفة ]
3 - المغافرة : يتكونون من [ الترارزة ، البراكنة ، أولاد مبارك ، أولاد داوود ، أولاد يحيى بن عثمان ، أولاد الناصر ]
4 - أولاد عروك : يتكونون من [ أولاد عروك ، أولاد يونس ، أولاد داوود ]
5 - البرابيش : و يتكونون من [ أولاد عبد الرحمن ، أولاد سليمان ] .
مع العلم أن قبيلة الرحامنة و هي أيضا من بني حسان فضلت أن تدخل تحت طاعة الدولة المرينية التي أقطعتها بلادا بنواحي مراكش يطلق عليها اليوم ببلاد الرحامنة .
هذه إذن هي ملحمة بني حسان .
السلام عليكم .
عدل سابقا من قبل abdallahi mouma في الأحد 27 أبريل 2008, 12:54 عدل 2 مرات