مجتمعنا والنقد

النقد في الغالب لا يثير انتباه الكثيرين وخاصة الجاد منهم والمفيد ..في حين ان الانتقاد وذكر المساوئ والتطفل على الحياة الشخصية يعرف العكس .. رغم انهما ليسا بعيدي المعنى والغاية .ولنا في اخبار الاميرة الليدي ديانا الدليل ..
في المجتمعات الغربية المتحضرة يمكن نقد حتى رئيس البلاد وانتقاد سياسته عبر الصحف والكتب والمجلات ... فمايكل مور المخرج السينمائي الامريكي انتقد الرئيس بوش وسياسته .. وانتقد الاقتصاد والشركات الامريكية في كتبه و افلامه وجاب كل انحاء الولايات لتوقيع على احد كتبه يناقش فيه الفساد الاقتصادي والاستغلال البشع لشعبه من طرف الشركات الامريكية ...مايكل مور رغم انه شخص مزعج فهو حر طليق يمارس حياته بشكل عادي جدا .يذهب الى المقاهي ويأكل الهامبورغر .وقد عرفت كتبه رواجا عالميا وتعد الاكثر مبيعا واشرطته الوثائقية الاكثر مشاهدة ... هذه الولايات المتحدة الامريكية ...
في بريطانيا العظمى وفي سنة 1946 ألف الكاتب الهنغاري George Mikes كتابه how to be an alien ....الكتاب مليء بالنقد اللاذع للمجتمع البريطاني .هذا المجتمع الاكثر احتراما للاتيكيت واحتراما للاخر ..فنادل ما وهو في نظرتنا العربية مهنة تافهة ان لم نقل حقيرة ...لو لمسه شخص عابر فهذا الشخص سوف يعتذر : انا اسف ..كان حادثا ..ويبالغ في الاعتذار ...المجتمع الانجليزي مجتمع مكافح ومثقف ورغم ذلك فهو متعصب لبلده ولغته .فقد حدث لبعض العرب ان كان رفقة انجليزي.وكان هذا العربي يكتب مقالا باللغة العربية ..قال له الانجليزي انه يكتب بالمقلوب بدل الكتابة من اليسار الى اليمين ولماذا يفعل ذلك ..فشرح له العربي الامر فاعتذر الانجليزي... ويحدث جورج ميكس في كتابه انه كانت هناك امراتان انجليزيتان قالت الاولى ..اليابان قصفت اثنين وعشرين مطارا في الايام القليلة الاخيرة ... سألت الثانية ..ماذا مطاراتنا.... نظرت اليها الاولى ببرود واجابت ..لا .مطاراتنا...
جورج ميكس هذا لم يكن يريد تأليف كتاب مسلي وكل من اقتنى هذا الكتاب من البريطانيين وجده كذلك. فالكتاب يسخر من المجتمع البريطاني وحواراته التافهة عن الطقس وثقافته ولباسه وايتيكيته واداراته وصحفه وسياسته.. وحتى الملكة اليزابيت لم تسلم من نقده .ورعم ذلك تقبله البريطانيون بصدور رحبة حتى ان بعضهم يسأله متى ستكتب how to be an alien اخر ... عجيب ...وقد حصل ميكس على الجنسية وتزوج بريطانية يعتز بها ويحترمها .... رغم ذلك لم يكن يشرب الشاي كباقي البريطانيين. ولكن القهوة السوداء....
في جريدة الشرق الاوسط او خضراء الدمن كما يحب البعض تلقيبها تهكما .ربيبة الشركة السعودية للابحاث المتعددة الشركات والفروع ...كتب سمير عطا الله منذ سنوات مقالا نقديا في ركنه الخاص به عن مصر ..انهال عليه من التقريع والانتقاد الكثير ....مصر انجبت العديد من المثقفين والمهندسين والاطباء والقادة السياسيين والت تعاني الان من طوابير الخبز او الجوع وصراعات الحكومة مع حزب الاخوان المسلمين ..مصر بلد الفراعنة والاهرام والكتب والافلام ..مصر ام الدنيا ... شعبها لا يقبل النقد.....
العربية السعودية منعت ادخال خماسية مدن الملح الى بلدها ونزعت من مؤلفها عبدالرحمن منيف جنسيته السعودية.فاصبح بدون جنسية ...اي بلا وطن ...
قد يعزي الكثيرون عدم تقبل النقد الى التخلف والجهل وانتشار الطبقية والقبلية والتعصب ...
ولكن في نظري الاسباب الاكثر في ذلك هي التخلف والجهل ..
نحن مجتمع متخلف وجاهل.بيننا وبين التقدم مسافة قرون .فمتى نقبل النقد ؟
-بعد قرون...
مع تحيات بنصالح محمد.

موضوع رائع أخي بن صالح. صراحة يستحق كل التنويه و من قال أنك شاعر المنتدى فأنت اليوم أديب المنتدى بامتياز.
لعلني أسقط ما تقدمت به أخي على مجتمعنا و قبيلتنا على وجه الخصوص لشجبنا و نقدنا الهدام لكل مبادرة او عمل يصب في مصلحة قبيلتنا الأمثلة عديدة لعلكم أدرى بها .
فكفاكم إخوتي نقدا و للننظر للأمور بجد و واقعية أوسع تحفز كل غيور على أرضه وقبيلته بدل المزيد و المزيد.
هيهات هيهات أخي بن صالح أن نحدوا حدو هؤلاء فيما وصلوا إليه من تقدم و دمقراطية أساسها الحرية الفردية .
تحياتي للكل.