بسم الله الرحمن الرحيم .
هاجرت من المشرق العربي في أواسط القرن 12 الميلادي ثلاث قبائل عربية كبرى، و هي قبائل [ بني هلال ؛ بني سليم ؛ بني معقل ] . هاته القبائل الثلاث الكبرى ستسهم في تغيرات جذرية على مستويات عدة ، ثقافية إجتماعية سياسية لغوية .
لكن أهم تغيير على الإطلاق حدث على يد هاته القبائل هو التعريب الواسع الذي أسهمت به ، فبعد أن كانت اللغة العربية حبيسة المدن كفاس و القيروان و بلاد الأندلس ، نراها تدخل البوادي و تصل الجبال و تتوغل في قلب الصحراء ، لكن قبل مجيئ هاته القبائل العربية من كان يشغل هذا المجال ، وجب علينا إذن كشف النقاب عن القبائل الـأمازيغية الكبرى التي كانت تشغل هذا الحيز ، و لنا عودة في موضوع آخر لموضوع هجرة بني هلال أو كما يطلق عليها في الأدبيات التاريخية [ تغريبة بين هلال ] .
عرف الأمازيغ في الكتابات العربية بالبربر ، هاته التسمية ورثها الأمازيغ عن عهد الإحتلال الروماني للبلاد ، فباتوا يعرفون بها ، بل الأكثر من ذلك أطلق الأمازيغ على أنفسهم هذا الإسم دون حرج ، فهذا أحد مؤرخيهم يكتب كتابا في مناقبهم أسماه [ مفاخر البربر ] .
ينقسم الشعب الأمازيغي إلى ثلاث قبائل كبرى هي :"
زنـــــــــانـــــــة : هذه القبيلة أو التجمع القبلي كان يتجمع ولا زال جزء مهم منه يتجمع في المناطق التالية ؛ جبال الريف المغربية ؛ بلاد القبائل بالجزائر أو ما يطلق عليه جبال الأوراس ؛ سهل تازة و تاونات ، بلاد بني يزناسن بنواحي وجدة أنكاد .
تتسم هاته القبيلة في التاريخ بقوتها و شراستها القتالية ، فقد آزرت الفاطميين و كان معظم جيشهم من قبائل زناتة إلى درجة أن مدينة القاهرة التي بناها جوهر الدين الصقلي من أجل أن يسكنها جيش الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الناصري خصصت لإستيعاب جيش الخليفة ، و ما زال إلى يومنا هذا لقب الزناتي متفشيا في مصر ، أسس الزناتيون دول عديدة بشمال إفريقيا على العهد الإسلامي أهمها دولة بني عبد الواد بالجزائر ؛ و دولة المرينيية بالمغرب . و التي إشتهر من ملوكها أبو عنان المريني . صاحب المدارس البوعنانية أول مدارس نظامية في تاريخ المغرب .
مصـــــــمــــــودة : هاته القبيلة تتخذ من الجبال موطنا لها ، إذ تمتد مواطنها من بلاد سهل سوس و بلاد حاحا غربا مرورا بجبال الأطلس الكبير و المتوسط أو ما يطلق عليها بلاد زيان حاليا ، أهم ما يميز هاته القبيلة هو أنها أقل القبائل إختلاطا بغيرها ، إذ قليلا ما تعربت لأنها تتخذ من الجبال موطنا لها مما جعل صعوبة التواصل بالقبائل العربية المهاجرة للبلاد ، مما جعلها تحتفظ بأمازيغيتها و عاداتها الأمازيغية القحة ، و مورفولوجية هاته القبيلة توضح الوجه الحقيقي و الشكل القديم للإنسان الأمازيغي ، أسست هاته القبيلة أحد أهم و أعتى الدول الإسلامية في تاريخ المغرب و هي دولة الموحدين و زعيمها المهدي إبن تومرت و عبد المومن بن علي الكومي .
صــنـهـــاجـــــة : يقول فيهم الشاعر:
لما حووا إحراز كل فضيلة ****غلب الحياء عليهم فتلثموا .
تعد صنهاجة أكبر و أقوى القبائل الأمازيغية على الإطلاق و يمتد مجال نفوذها من الصحراء الليبية غربا إلى موريتانيا شرقا قبل أن يتداخل مجال نفوذهم مع القبائل العربية التي سوف تأتي من المشرق ، كان لصنهاجة صولات و جولات بشمال أفريقيا و لعل أهم ما قامت به هاته القبيلة هو تأسيسها لدولة المرابطين بزعامة يوسف بن تاشفين ، حركت المرابطين هاته قامت ببلاد القبلة حاليا قبل أن تنتقل إلى الشمال و تؤسس مدينة مراكش و تتخذها عاصمة ، صحيح أن دولة المرابطين لم تعمر طويلا إذ لم تتجاوز 80 سنة إلا أن كان لها دور كبير في صد هجومات مسيحيي الأندلس من خلال التغلب عليهم في المعركة الشهير [ الزلاقة ] بقيادة يوسف بن تاشفين ، كلمة زناكة اليوم التحقيرية بمجتمع البيظان هي إشتقاق من كلمة صنهاجة ، الأيام دول كما يقال فبعد أن كان الإنتساب لصنهاجة شرف لا يضاهيه شرف بات بعد هجرة بني حسان مسألة مخجلة بل أصبح الصنهاجيون يخفون أنسابهم لتتامشى مع النسب الحساني .
على كل حال يمكن القول أن نسبة مهمة من صنهاجة إختفت كتكتل قبلي ، إذ الجزء المهم منها تعرب و لم يبق في المغرب إلا كزولة آخر ما تبقى من قبائل صنهاجة الصحراء و التي تتخذ من جبال الأطلس الصغير موطنا لها و لعل قبائل آيت بعمران أحد تفرعاتها الرئيسية ، بل يذهب أحد الأنتروبولوجيين إلى إعتبار إتحادية آيت عطا الأصل القوي المتبقي مستندا لعدة إعتبارات أهمها المشجرات التي لازالوا يحتفظون بها و التي تعود بهم إلى المرابطون الأوائل .
في الأخير أهم ما يمكن أن نخلص له هو أن التكتلات الثلاث هي ما يطلق عليه اليوم بشمال إفريقيا الشعب الأمازيغي ، أما الطوارق فلنا عودة لهم في موضوع آخر ، و السلام .
أتمنى أن لا أكون قد أطلت عليكم .
هاجرت من المشرق العربي في أواسط القرن 12 الميلادي ثلاث قبائل عربية كبرى، و هي قبائل [ بني هلال ؛ بني سليم ؛ بني معقل ] . هاته القبائل الثلاث الكبرى ستسهم في تغيرات جذرية على مستويات عدة ، ثقافية إجتماعية سياسية لغوية .
لكن أهم تغيير على الإطلاق حدث على يد هاته القبائل هو التعريب الواسع الذي أسهمت به ، فبعد أن كانت اللغة العربية حبيسة المدن كفاس و القيروان و بلاد الأندلس ، نراها تدخل البوادي و تصل الجبال و تتوغل في قلب الصحراء ، لكن قبل مجيئ هاته القبائل العربية من كان يشغل هذا المجال ، وجب علينا إذن كشف النقاب عن القبائل الـأمازيغية الكبرى التي كانت تشغل هذا الحيز ، و لنا عودة في موضوع آخر لموضوع هجرة بني هلال أو كما يطلق عليها في الأدبيات التاريخية [ تغريبة بين هلال ] .
عرف الأمازيغ في الكتابات العربية بالبربر ، هاته التسمية ورثها الأمازيغ عن عهد الإحتلال الروماني للبلاد ، فباتوا يعرفون بها ، بل الأكثر من ذلك أطلق الأمازيغ على أنفسهم هذا الإسم دون حرج ، فهذا أحد مؤرخيهم يكتب كتابا في مناقبهم أسماه [ مفاخر البربر ] .
ينقسم الشعب الأمازيغي إلى ثلاث قبائل كبرى هي :"
زنـــــــــانـــــــة : هذه القبيلة أو التجمع القبلي كان يتجمع ولا زال جزء مهم منه يتجمع في المناطق التالية ؛ جبال الريف المغربية ؛ بلاد القبائل بالجزائر أو ما يطلق عليه جبال الأوراس ؛ سهل تازة و تاونات ، بلاد بني يزناسن بنواحي وجدة أنكاد .
تتسم هاته القبيلة في التاريخ بقوتها و شراستها القتالية ، فقد آزرت الفاطميين و كان معظم جيشهم من قبائل زناتة إلى درجة أن مدينة القاهرة التي بناها جوهر الدين الصقلي من أجل أن يسكنها جيش الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الناصري خصصت لإستيعاب جيش الخليفة ، و ما زال إلى يومنا هذا لقب الزناتي متفشيا في مصر ، أسس الزناتيون دول عديدة بشمال إفريقيا على العهد الإسلامي أهمها دولة بني عبد الواد بالجزائر ؛ و دولة المرينيية بالمغرب . و التي إشتهر من ملوكها أبو عنان المريني . صاحب المدارس البوعنانية أول مدارس نظامية في تاريخ المغرب .
مصـــــــمــــــودة : هاته القبيلة تتخذ من الجبال موطنا لها ، إذ تمتد مواطنها من بلاد سهل سوس و بلاد حاحا غربا مرورا بجبال الأطلس الكبير و المتوسط أو ما يطلق عليها بلاد زيان حاليا ، أهم ما يميز هاته القبيلة هو أنها أقل القبائل إختلاطا بغيرها ، إذ قليلا ما تعربت لأنها تتخذ من الجبال موطنا لها مما جعل صعوبة التواصل بالقبائل العربية المهاجرة للبلاد ، مما جعلها تحتفظ بأمازيغيتها و عاداتها الأمازيغية القحة ، و مورفولوجية هاته القبيلة توضح الوجه الحقيقي و الشكل القديم للإنسان الأمازيغي ، أسست هاته القبيلة أحد أهم و أعتى الدول الإسلامية في تاريخ المغرب و هي دولة الموحدين و زعيمها المهدي إبن تومرت و عبد المومن بن علي الكومي .
صــنـهـــاجـــــة : يقول فيهم الشاعر:
لما حووا إحراز كل فضيلة ****غلب الحياء عليهم فتلثموا .
تعد صنهاجة أكبر و أقوى القبائل الأمازيغية على الإطلاق و يمتد مجال نفوذها من الصحراء الليبية غربا إلى موريتانيا شرقا قبل أن يتداخل مجال نفوذهم مع القبائل العربية التي سوف تأتي من المشرق ، كان لصنهاجة صولات و جولات بشمال أفريقيا و لعل أهم ما قامت به هاته القبيلة هو تأسيسها لدولة المرابطين بزعامة يوسف بن تاشفين ، حركت المرابطين هاته قامت ببلاد القبلة حاليا قبل أن تنتقل إلى الشمال و تؤسس مدينة مراكش و تتخذها عاصمة ، صحيح أن دولة المرابطين لم تعمر طويلا إذ لم تتجاوز 80 سنة إلا أن كان لها دور كبير في صد هجومات مسيحيي الأندلس من خلال التغلب عليهم في المعركة الشهير [ الزلاقة ] بقيادة يوسف بن تاشفين ، كلمة زناكة اليوم التحقيرية بمجتمع البيظان هي إشتقاق من كلمة صنهاجة ، الأيام دول كما يقال فبعد أن كان الإنتساب لصنهاجة شرف لا يضاهيه شرف بات بعد هجرة بني حسان مسألة مخجلة بل أصبح الصنهاجيون يخفون أنسابهم لتتامشى مع النسب الحساني .
على كل حال يمكن القول أن نسبة مهمة من صنهاجة إختفت كتكتل قبلي ، إذ الجزء المهم منها تعرب و لم يبق في المغرب إلا كزولة آخر ما تبقى من قبائل صنهاجة الصحراء و التي تتخذ من جبال الأطلس الصغير موطنا لها و لعل قبائل آيت بعمران أحد تفرعاتها الرئيسية ، بل يذهب أحد الأنتروبولوجيين إلى إعتبار إتحادية آيت عطا الأصل القوي المتبقي مستندا لعدة إعتبارات أهمها المشجرات التي لازالوا يحتفظون بها و التي تعود بهم إلى المرابطون الأوائل .
في الأخير أهم ما يمكن أن نخلص له هو أن التكتلات الثلاث هي ما يطلق عليه اليوم بشمال إفريقيا الشعب الأمازيغي ، أما الطوارق فلنا عودة لهم في موضوع آخر ، و السلام .
أتمنى أن لا أكون قد أطلت عليكم .