أستأنف معكم اليوم سلسلة التعريف برجالات أولاد بوعيطة الأفذاذ ، و الذين كانوا نبراسا للحق و العلم و الدين ، أثثوا فضاء الصحراء بعلمهم و ورعهم و تقواهم ، فأصبح لفظ البوعيطاوي ببلاد الصحراء مرادفا للعالم أو المرابط أو الفقيه . لقد كانت وجوه البوعيطاويين حتى وقت قريب تشع نورا و جمالا هي صفة حباها الله بهم ، حتى باتوا إلى جانب العلم يوصوفون بالجمال و الوسامة و حسن المظهر ، كيف لا و هم حفدة النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم .
اليوم سأتحدث عن العلامة الفهامة النحرير صاحب الأسرار الباطنة ، و الأنوار الطامرة و الكرامات المعروفة ، الشريف ابن الشريف العالم بن العالم سيدي مبارك ولد عبد الحي البلعيدي البوعيطاوي .
يعد من أواخر العلماء البوعيطاوين ، فقد وافته المنية على ما أعتقد سنة 1986 .
كان و بشهادة من عاصروه بحرا من العلوم لا ينضب ، سخر حياته للعلم و أفنى زهرة عمره في سبيله ، لم يترك شبرا من بلاد الصحراء إلا درس فيه ، و ترك في كل بقعة حل بها صدى طيبا و عميقا جدا في نفوس أهلها ، خصوصا بلاد السمارة التي لا زال ذكر هذا العالم يتردد صداه هناك إلى يومنا هذا .
من صفات هذا العالم الورع و الزهد في الدنيا ، و حب الآخر مهما بلغت درجة عداوته له، كان سباقا للخيرات و كان يحث أهله على ذلك ، كان لا يجلس في مجلس يغتاب فيه الناس أبدا و عندما يتحدث عن شخص كان يذكر يذكر إيجابياته فقط ، كان رجلا بشوشا و كثير الإتسامة حتى في آخر لحظات حياته .
كان بحرا زاخرا من العلم ، و لا يكاد لسانه يتوقف عن الدعاء و التهيليل و قراءة القرآن، و من أشهر صفاته أنه لا يشرع في تناول الطعام حتى يسأل جلساءه هل تصلون ؟؟؟ مرددا أن تارك الصلاة كافر .
بالإضافة إلى ذلك كله كان سيدي مبارك شاعرا مبرزا لا يشق له غبار و كان معظم شعره في الزهد و التقوى .
استقينا هذه المعلومات من مصادر عاصرت الشيخ رحمة الله عليه . و إن كنا قد آثرنا الإختصار لأن الحديث يطول و يتشعب خصوصا عن كراماته رحمه الله .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته